السياسة الاقتصادية في الجزائر
شهد الجزائر في الوقت الحاضر ازدهارا اقتصاديًا لم تعشه من قبل، وذلك لأنَّ سعر النفط المرتفع يعود على ميزانية الدولة بالمليارات. ولكن على الرغم من ذلك فإنَّ هذا الانفراج المالي لا يشكِّل انتعاشًا في اقتصاد البلد بقدر ما يزيد من ثروات النخب السياسية في الجزائر. تحليل من فيرنر روف.
لقد أدَّى الارتفاع السريع في أسعار النفط والغاز إلى خفض ديون الجزائر الكبيرة لدى دول الخارج تقريبًا إلى الصفر؛ فقد حققت صادرات الجزائر في عام 2006 رقمًا قياسيًا بلغ 52 مليار دولار أمريكي - بارتفاع بلغت نسبته 14 في المائة مقابل العام السابق. غير أنَّ الارتفاع الحقيقي لأسعار النفط بدأ فقط في عام 2007 وما يزال منذ ذلك يواصل ارتفاعه على قدم وساق.
بيد أنَّ هذه الأرقام ليست مؤشِّرات على وجود ازدهار اقتصادي، لكنَّها تبيِّن أنَّ صادرات الطاقة تشكِّل العامل الاقتصادي الوحيد في الجزائر. وتقابل هذه الصادرات حقيقة مفادها أنَّ الجزائر تضطر إلى استيراد جميع احتياجاتها تقريبًا من الحبوب والحليب والأدوية.
نتائج الاقتصاد الريعي
على الرغم من مساهمة ارتفاع أسعار النفط في زيادة مدخولات الجزائر، إلا أنها زادت من اعتمادها على استيراد الكثير من البضائع الغذائية والاستهلاكية.
إنَّ مجرَّد ارتفاع أسعار المواد الغذائية يشكِّل بالنسبة للشعب الجزائري، الذي يزداد عدده بشكل سريع، تهديدًا بخطر استنزاف الإيرادات الحاصلة من ارتفاع أسعار النفط. والأسوأ من ذلك أسعار صرف الدولار مقابل اليورو.
إذ تزداد أكثر أسعار أغلب المواد الغذائية الأساسية والبضائع الاستهلاكية طويلة العمر المستوردة من المناطق التي تتعامل باليورو، وذلك نظرًا إلى تواصل ازدياد الفرق بين سعر صرف الدولار مقابل اليورو، بشكل دفع المراقبين لوضع توقعات في أن يصل سعر اليورو الواحد إلى دولارين خلال المستقبل المنظور. ومن بين هذه الواردات المستوردة من أوروبا أيضًا المائتان ألف مركبة التي استوردتها الجزائر عام 2007.
وهذه الأرقام وحدها تبرز المشكلة البنيوية في الاقتصاد الجزائري؛ إذ لا تعتمد الدولة والمجتمع إلاَّ على الصادرات النفطية - أي على الاقتصاد الريعي. وتتراجع الأرقام منذ عدَّة أعوام بقدر ما يتم على الإطلاق إنتاج منتجات محلية في البلاد.
ويتطابق انعدام وجود اقتصاد دينامي مع البطالة المتفاقمة باستمرار والتي يقال رسميًا إنَّ نسبتها تبلغ ثلاثين في المائة، بينما يمكن أن تصل في الحقيقة على الأقلّ إلى خمسين في المائة. تصيب هذه البطالة قبل كلِّ شيء الشباب وكذلك أعداد متزايدة زيادة سريعة من خريجي الجامعات والمعاهد العليا.